بواسطة
قصة قصيرة: على الطريق !؟ ***
بقلم: رحال امانوز .
كل مساء وعند مغيب الشمس. يترجل محماد عن دراجته العادية. ويقتعد مكانه المعتاد على الرصيف. على كرسي صغير جلس وهو يراقب الشارع الكبير. الذي يضج بأصوات السيارات والدراجات والحافلات وسيارات الأجرة.
الرصيف يعرف حركة دؤوبة للراجلات والراجلين. لقد اختار مكانه المعتاد بعناية فائقة. وضع < الفراشة > على الأرض. فوقها وضع سلعته التي اخرجها من حقيبة جلدية أنزلها من على كتفه. هي عبارة عن إكسسوارات للهواتف المحمولة. شواحن وسماعات وغيرها.
يجلبها من < جوطية > درب غلف الشهيرة.
أكثرها مستعمل < اوكازيون > والقليل منها جديد. أكثر زبائنه يفضلون الأدوات المستعملة. نظرا لثمنها الذي يلائم جيوبهم المثقوبة. يتوجه إلى المقهى المقابل. يتكلم مع النادل بلغته الأم الامازيغية. طالبا منه فنجان قهوة بحليب < نص نص >. يتوجه بعدها عند بائع فطائر مجاور. ويشتري درهمين من < المسمن >. طبعا سيؤدي ما عليه بعد بيع بضاعته. لأنه الآن خالي الوفاض. يضع لقمة من فطيرته في فيه. ثم يرتشف من فنجان قهوته. وينتظر أول زبائنه.
ها هو يسرح بعيدا بنظره. بينما تعود به الذاكرة القهقرى لسنوات عديدة. إلى بلدته القابعة في أعالي الأطلس الكبير. كم يشده الحنين إلى < تمازيرت > العزيزة. جبالها المكسوة بالثلوج شتاء ... واشجارها المثمرة زيتون ولوز وجوز ... ورائحة الخبز المطبوخ في الفرن ...
أخرجه صوت من أحلام اليقظة:
_ عندك شي شارجور مزيان ديال سامسونغ؟
_ موجود الخير. واش بغيتي قديم ولا جديد؟
_ لا ... غير قديم او صافي!
_ موجود ... عشرون درهم!
_ اوا ماشي بزاف. صوب معانا عفاك!
_ ياله ارا خمستاش درهم. باركا عليك!
هكذا تمر أوقاته. بين اخذ ورد ومساومات لا تنتهي مع زبائنه. إلى غاية اذان العشاء. حيث يجمع ما تبقى من بضاعته ... يحمل حقيبته السوداء على كتفه ... يركب دراجته العادية. ويعود إلى البيت. حيث يعيش مع < زوجته > و< أبناءه > ... يخترق شوارع وازقة المدينة الغول ... وهو يدندن بأغنيته الأمازيغية ... فرحا بما حصل عليه اليوم من دراهم. لكن انتابه فجأة وجوم وقلق. لأن الشعيبية ستستحوذ على مدخوله اليومي كعادتها كل يوم ...!؟
يذكر اليوم الذي التقى فيه بها. بعد قدومه من < البلاد > بدأ يبحث عن غرفة تؤويه. ساقته الأقدار إلى حي عشوائي بأطراف المدينة. اكترى غرفة عند الشعيبية الأرملة ذات الأطفال الأربعة ... بفطنتها ودهاءها عرفت ان القدر ساق إليها < دجاجة بكامونها > ... تنبهت لسذاجته وغفلته. القت شباكها عليه. اتخذت منه مكتريا وخليلا. تزوجا < بالفاتحة >. "مسكين خدا مسكينة وتهنأت المدينة" كما يقول المثل الشعبي. استحوذت على كل ما يملك. لذلك فكل من يصادفه يتأسف لحالته المزرية. الجيران يفسرون سيطرتها عليه واستغلاله بأنه مسحور ...!؟
ها قد اقترب من الحي. لم يتبق له سوى عبور هذا الشارع. ليسلك الزقاق المؤدي للبيت. لم ينتبه لشاحنة الازبال القادمة على يمينه. تسير بسرعة جنونية. حاول الفرار منها ... من قدره المحتوم ... واصلت الشاحنة مسيرها، لمسافة غير يسيرة قبل ان تقف وهي تسحب تحتها محماد والدراجة والحقيبة. سال أحمر قان اختلط بعصير الازبال. ... بعد علمها بالحادث، أقبلت الشعيبية تبكي وتندب وتنتف شعر رأسها ... كان صوتها يشق سكون الليل البهيم ... ليس حبا في محماد ...بل كانت تندب حظها التعس. لأنها لم توثق زواجها به ... ضاعت <ديته > منها ... ضاع منها التأمين عن الحادث ...
الدار البيضاء/ المغرب
كل التعليقات ( 0 )
أخبار ذات صلة