كان المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، قد فوّض كل ما لديه من صلاحيات واسعة إلى المجلس الأعلى للحرس الثوري. ومن لا يدرك دلالة هذا القرار، فإليكم ما يعنيه ذلك:
أولاً: هذا ليس مجرد تفويض إداري، بل تفويض سلطوي شامل، يمنح الحرس الثوري الإيراني صلاحية اتخاذ قرارات كبرى، بما في ذلك تلك المتعلقة بالبرنامج النووي أو شن هجمات واسعة، دون الحاجة إلى الرجوع إلى المرشد الأعلى أو الحصول على فتوى دينية. وهو تحوّل استراتيجي كبير في بنية النظام الحاكم في إيران.
ثانياً: القرار يمهّد لمرحلة ما بعد خامنئي، فلو وقعت عملية اغتيال أو وفاة مفاجئة، فإن الهيكل الأساسي للقيادة لن ينهار، بل سيتولى الحرس الثوري إدارة البلاد مؤقتًا إلى أن يتم تعيين مرشد جديد، ما يمنع حدوث فراغ في السلطة.
ثالثاً: يشير هذا التطور إلى دخول إيران فعليًا في مرحلة حكم عسكري بغطاء ديني؛ فلم يعد الحرس الثوري مجرد ذراع أمنية وعسكرية، بل أصبح الحاكم الفعلي، ما يزيد من احتمالات اتخاذ قرارات متهورة أو التصعيد في ملفات حساسة مثل إسرائيل، الخليج، أو البرنامج النووي.
رابعاً: القرار يبدو وكأنه جاء تحت ضغط زمني، ما يدل على وجود تهديدات حقيقية تطال حياة المرشد، أو تقديرات داخلية بأن نهايته باتت وشيكة، فيسعى النظام للتحرك استباقيًا لمنع التيار الإصلاحي من استغلال الموقف وقلب موازين اللعبة السياسية.
خامساً: الرسالة الموجهة للخارج، وخاصة لإسرائيل والولايات المتحدة، واضحة: اغتيال المرشد لن يوقف النظام، بل ستنتقل السلطة إلى أكثر الأجنحة تشددًا وتطرفًا.
سادساً: بموجب هذا القرار، فإن أي تصعيد عسكري من جانب إيران قد لا يكون مجرد رد فعل، بل سياسة معدّة سلفًا، وجاهزة للتنفيذ عند اللزوم.
سابعاً: يمكن القول إن إيران أصبحت الآن أشبه بدولة عسكرية بالكامل، يتحكم بها رجال يرتدون الزي العسكري، وليس رجال الدين فقط.
الخلاصة: وإن كانت خطوة في الاتجاه الصحيح، وإن كانت متأخرة، فهذا لا يضمن النصر لإيران، ولكن ينزع طابع المركزية عن عملية اتخاذ القرار. وواضح أن إيران استقت درسًا مهمًا مما فوتته من فرص، وعدم قيامها بالضربة الاستباقية، والآن بدأت في إعادة ترتيب بيتها استعدادًا للعاصفة المقبلة، وعلى دول المنطقة أن تقرأ هذا التحول بدقة، لأنه قد يشكل بداية مرحلة جديدة.
إخلاء مسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة موقف جريدة الحوادث والحوادث لعرب أمريكا او القائمين عليها
اشترك في نشرتنا الاخبارية
اشترك في نشرتنا الاخبارية
اشترك في نشرتنا الاخبارية