ماهر عبدالقادر - نيويورك
Maher Abdelkader, New York, March 3, 2025
لقد كان الدعم الثابت لأمن إسرائيل حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأميركية لكل إدارة أميركية منذ رئاسة هاري ترومان. فمنذ تأسيسها في عام 1948، وتهجيرها لثلثي الشعب الفلسطيني، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل أكثر من 300 مليار دولار أميركي في شكل مساعدات ثنائية مباشرة تركز حسب الرواية الأمريكية على معالجة التهديدات الأمنية، وسد فجوات القدرات الإسرائيلية من خلال المساعدات الأمنية والتعاون، وزيادة التوافق من خلال التدريبات المشتركة، ومساعدة إسرائيل في الحفاظ على أمنها واستقرارها.
المؤسسات المدنية الأمريكية المعفاة من الضرائب زائد الشركات الأمريكية العملاقة تقدم دعم مباشر منها لإسرائيل وتخصم من ضرائبها في غالب الأحوال، وتقدر هذه الأموال بملايير الدولارات سنويا.
وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو وقع السبت إعلانا لتسريع تسليم مساعدات عسكرية جديدة إلى إسرائيل تبلغ قيمتها نحو أربعة مليارات دولار، كما أن وزارة الدفاع الأميركية وافقت على قرار وزارة الخارجية بيع أسلحة وقنابل ومعدات هدم وأسلحة أخرى لإسرائيل ليصبح القرار نافذا.
وذكر روبيو في بيان أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تولت السلطة في 20 يناير، وافقت على مبيعات أسلحة لإسرائيل بقيمة تبلغ نحو اثني عشر مليار دولار. وأضاف أن واشنطن "ستواصل استخدام كافة الأدوات المتاحة لتلبية التزام الولايات المتحدة الراسخ تجاه أمن إسرائيل، بما في ذلك سبل مواجهة التهديدات الأمنية".
وتم إخطار الكونغرس بشأن تسريع مبيعات الأسلحة على أساس طارئ، في الوضع الطبيعي له أية مساعدات خارجية بحاجة لموافقة الكونغرس، والتي ضرب بها عرض الحائط ترمب بإصدار قانون طارئ. .
وبحسب "البنتاغون" تشمل مبيعات الأسلحة 35 ألف قنبلة للأغراض العامة وزنها نحو ألف كلغم وأربعة آلاف قنبلة خارقة للتحصينات بالوزن ذاته من إنتاج شركة جنرال ديناميكس.
وكشف أن عمليات التسليم ستبدأ في عام 2026، وأشار إلى أن "هناك احتمال أن يأتي جزء من هذه المشتريات من المخزون الأميركي في أوروبا أو أمريكا "، وهو ما قد يعني التسليم الفوري لبعض الأسلحة.
وتبلغ قيمة الحزمة الثانية 675 مليون دولار، وتتألف من خمسة آلاف قنبلة تزن كل منها نحو 500 كلغم مع المعدات المطلوبة مناسبة للمساعدة على توجيه القنابل غير الموجهة. وكان من المتوقع أن يتم تسليم هذه الحزمة في عام 2028.
ويحتوي إخطار ثالث على جرافات من إنتاج شركة كاتربيلر قيمتها 295 مليون دولار.
وهذه هي ثاني مرة خلال شهر واحد تعلن فيها إدارة ترامب حالة الطوارئ للموافقة السريعة على بيع أسلحة لإسرائيل.
وسبق أن استخدمت إدارة الرئيس السابق جو بايدن سلطات الطوارئ للموافقة على بيع أسلحة لإسرائيل دون مراجعة الكونغرس.
وألغت إدارة ترامب الاثنين أمرا صدر في عهد بايدن، وكان يلزمها بالإبلاغ عن الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي، والتي تتعلق بالأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة من قبل
الرئيس دونالد ترامب أصدر أمرًا تنفيذيًا واسع النطاق لتجميد المساعدات الخارجية باستثناء المقدمة منها لإسرائيل ومصر،
وقد ساعدت هذه المساعدة على تحويل قوات الدفاع الإسرائيلية إلى إحدى أكثر الجيوش كفاءة وفعالية في العالم، وحولت قطاع الصناعة والتقنية العسكرية الإسرائيلي إلى أحد أكبر مصدري القدرات العسكرية في جميع أنحاء العالم.
منذ عام 1983، اجتمعت الولايات المتحدة وإسرائيل بانتظام من خلال المجموعة السياسية العسكرية المشتركة (BPMG) لتعزيز السياسات المشتركة ومعالجة التهديدات والمخاوف المشتركة وتحديد مجالات جديدة للتعاون الأمني. وقد أعادت المجموعة التي عقدت في أكتوبر 2022، التأكيد على الشراكة الإستراتيجية القوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مؤكدة على الالتزام المتبادل بتعزيز التعاون لدعم الأمن الإقليمي وتعزيز الإنجازات التاريخية للتطبيع الأخير بموجب اتفاقيات إبراهيم.
الولايات المتحدة قدمت مساعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة أكثر من 34 مليار دولار منذ بداية حرب الإبادة التي ترتكبها تل أبيب بحق الفلسطينيين في الضفة وفي قطاع غزة ومنذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023 وحتى أغسطس/آب 2024.
جاء ذلك في تقرير نشره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، بيّن أن واشنطن سلمت إسرائيل 50 ألف طن أسلحة في الفترة من 7 أكتوبر 2023 حتى أغسطس 2024، شملت صواريخ وقنابل دقيقة ومروحيات هجومية ومركبات مدرعة.
وبحلول ديسمبر/كانون الأول 2023، نقلت الولايات المتحدة أكثر من 10 آلاف طن من الأسلحة بقيمة 2.4 مليار دولار إلى إسرائيل، وقفز الرقم إلى 50 ألف طن بحلول أغسطس 2024، تحملها مئات الطائرات والسفن.
الولايات المتحدة زودت إسرائيل بمجموعة متنوعة من المعدات العسكرية المتقدمة، بما في ذلك الصواريخ لنظام القبة الحديدية، والقنابل الموجهة بدقة، وطائرات مروحية CH-53 للنقل الثقيل، ومروحيات هجومية أباتشي AH-64، وقذائف المدفعية عيار 155 ملم، وقنابل تخترق الحصون والمركبات المدرعة".
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 154 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين.
تصوغ السياسةُ الخارجية الأميركية الأحداث في كل ركن من أركان العالم. ولا ينطبق ذلك على أي مكان أكثر من انطباقه على الشرق الأوسط، وهو منطقة يسودها انعدام استقرار متكرر، وذات أهمية استراتيجية هائلة.، فإن الدول جميعهم بحاجة إلى تفهُّم القوى التي تحرّك السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. يجب أن تكون المصلحة القومية للولايات المتحدة الهدف الأول للسياسة الخارجية الأميركية. بيد أن العلاقة بإسرائيل ظلّت ركيزة السياسة الأميركية في الشرق الأوسط في العقود العديدة الأخيرة، وخصوصاً منذ حرب الأيام الستة سنة.1967 وقد أدى اجتماع الدعم الأميركي الدائم لإسرائيل، والسعي المتصل بذلك لنشر الديمقراطية في المنطقة، إلى إثارة الرأي العام العربي والإسلامي وتعريض الأمن الأميركي للخطر
. ليس لهذا الوضع نظير في التاريخ السياسي الأميركي، فلماذا ترغب الولايات المتحدة في وضع أمنها جانباً لتعزيز مصالح دولة أُخرى؟ قد يفترض المرء أن الارتباط بين البلدين قائم على مصالح إستراتيجية مشتركة، أو ضرورات أخلاقية مقنعة. لا يقدم أي من هذين التفسيرين تبريراً كافياً لمستوى الدعم الدبلوماسي والمادي المدهش الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى إسرائيل.
إن القوة الدافعة للسياسة الأميركية عامة في المنطقة ترجع بشكل تام إلى السياسة الأميركية الداخلية، ولا سيما إلى نشاطات "اللوبي الإسرائيلي". لقد تمكن من توجيه السياسة الخارجية الأميركية في الاتجاهات التي يفضلها، وإقناع الأميركيين في الوقت ذاته بأن المصالح الأميركية والإسرائيلية متماثلة في الجوهر.
فعلى سبيل المثال، فإن إسرائيل هي الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك طائرات من طراز إف 35 حيث اشترت بتمويل أميركي 50 طائرة من الطراز المذكور، وهو ما يتيح لها ضرب أهداف- دون الحاجة إلى التزود بالوقود- في دائرة تشمل سوريا والعراق ولبنان والأردن ومعظم مصر وتركيا والسعودية.
عند اندلاع عملية طوفان الأقصى هرعت أمريكا لدعم إسرائيل دعما مطلقا لوجيستيا وإعلاميا واستخباراتيا، وزار الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل مباشرة بعد هجوم مقاتلي حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر. تلتها عدة زيارات لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن. وتنوع الدعم الأمريكي اللامشروط لإسرائيل من مساعدات عسكرية ولوجستية وسياسية.
لطالما وُصفت الأسس التي يقوم عليها التحالف الأميركي - الإسرائيلي بأنها القيم المشتركة بين البلدين وشعبية إسرائيل في السياسة الأميركية من خلال "اللوبي الإسرائيلي" القوي الذي يَتبع لها في بلاد العم سام.
وعليه أصبحت إسرائيل والولايات المتحدة معزولتين بشكل متزايد وسط الدعوات العالمية المتزايدة لوقف إطلاق النار.
إخلاء مسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة موقف جريدة الحوادث والحوادث لعرب أمريكا او القائمين عليها
اشترك في نشرتنا الاخبارية
اشترك في نشرتنا الاخبارية
اشترك في نشرتنا الاخبارية