" حين يقفز حصان التاريخ "
تاريخ النشر 18 Oct 2023

بواسطة


ربما لا يدرك البطل أنه اجترح بطولة إلا بعد انتهاء المعركة،وكما يقول طاغور فإن الفيلسوف أو الحكيم لا يدرك أنه قدح حجر الفلاسفة إلا عندما يستدير على عقبيه ويقتفي أثره عائداً إدراجه ،فيلحظ حجراً قد تحول إلى ذهب ولكنه لا يدري بأي حجر قدحه لأنه قدح ورمى الحجر ومضى دون أن يتوقف،وهذه هي لحظات التاريخ النادرة التي يضيئها الأبطال وهم منغمسون في غمارها مطلقين زمام الوعي.

وربما هذا ما فعله المقاتل الفلسطيني حين اقتحم آخر حصون الاستعمار قافزاً بحصانه فوق عنق التاريخ الذي يوشك أن ينعطف مفتتحاً مرحلة جديدة في تاريخ البشرية وبهذا أصبح فارساً من فرسانه شامخاً على صهوته،وذلك بتصفية الإرث الإستعماري الذي جثم على صدر العالم عقوداً بل قروناً،وقد دقّت ساعة تصفيته،فأصيب أباطرته بالذعر ودفعوا بأرتالهم لإسناده وركزه في اللحظات التي تستبق الإنهيار الأخير.

وهذا يفسر هذا الهروع المحموم لإيقاف الطوفان الذي سيسقط تيجانهم وعروشهم

فإسرائيل هي القلعة الإستعمارية الأخيرة وملكها هوخادم هذه القلعة وحارسها وهو ليس سيدا بحال بل في أحسن الأحوال حارس باب..وقد تواترت الإشارات فقرؤوها، وما تسمية الطوفان إلا إلهام،وما هذه الهجمة المجنونة إلا رد فعل من أساطين وكهنة المعبد الإستعماري لوقف اندفاع هذا السيل العرم.

ولكن وعد الله قد نفذ وغير التاريخ مجراه مفتتحا حقبة جديدة وأصبحت ممالك الاستعمار حكماً وحتما تاريخاً وإرثا من الماضي وآخرها مملكة يهوذا التي يحاولون إنقاذها الآن بالأساطيل والأباطيل.

ولذا تراهم في حيرة من أمرهم بشان اقتحام حدود غزة بخيلهم ورجلهم لأن سادتهم وعرّافوهم يقرؤون ويعرفون أن الله قد أغلق الباب وأنهم سيرتدون دونه وأن السيل قد يجرف جنودهم كالغثاء.

ولذا يبقى رهانهم الوحيد هو مواصلة حملة القتل آملين في إيهان العزيمة أو إصابة المدافعين في مقتل أو إصابة رؤوس القادة بتكثيف القصف الطائش،ولكن الله أطاش سهمهم فإما أن يغامروا بالاقتحام وتكون هزيمتهم ومقبرتهم،وإما أن يواصلوا فتوقفهم يد الله عند حد فلكل شيء عنده أجل وهو يسبب الأسباب،ولكن ما هو آيل للسقوط سيسقط وسنصحو على عالم جديد لا ترفع فيه للاستعمار رايات فوق أرض الآخرين وأوطانهم وسنصحو على فلسطين حرة بغير مستوطنين،ولكل أجل كتاب وإن غداً لناظره قريب.

قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين.

نزار حسين راشد




كل التعليقات ( 0 )

أخبار ذات صلة

المزيد من الأخبار

جميع الحقوق محفوظة © 2023 الحوادث
طورت بواسطة : Zahid Raju