Alhawadeth Archive
جيمس زغبي
إذا كانت قمة العقبة أنجزت شيئاً، فقد أظهرت عدم كفاية السياسة الأميركية تجاه إسرائيل وفلسطين. والقمة التي حضت عليها الواليات المتحدة واستضافها األردن، جمعت قادة من إسرائيل والسلطة الفلسطينية واألردن ومصر والواليات المتحدة بهدف تقليص التوترات اإلسرائيلية الفلسطينية قبل وأثناء شهر رمضان وعيد الفصح. والقمة لم تعالج المشكالت المنهجية األساسية. ووافق الطرفان على ما طرحته الواليات المتحدة من عدد من أنصاف التدابير المستهلكة التي تستهدف تقليص التوترات بشكل مؤقت. فقد وافقت إسرائيل على تجميد قصير األمد لـ »مناقشة« المستوطنات الجديدة أو هدم منازل الفلسطينيين، وعلى تقليص المداهمات على التجمعات السكانية الفلسطينية، واحترام »الوضع الراهن« في القدس، واإلفراج عن مزيد من أموال الضرائب التي يجمعونها لصالح الفلسطينيين، لكنها تحجبها بالمخالفة لالتفاقات. ووافقت السلطة الفلسطينية على االمتناع مؤقتًا عن التقدم بقضيتها إلى األمم المتحدة، وتحسين التعاون األمني مع إسرائيل، واستخدام عائدات الضرائب اإلضافية لتوظيف وتدريب -بدعم أميركي- قوات أمنية جديدة للسيطرة بشكل أفضل على مجموعات المقاومة المسلحة التي تظهر في المناطق. وأظهرت التطورات التي حدثت أثناء اجتماع المشاركين في القمة بوضوح أن هذه االتفاقات كانت غير كافية ومنفصلة عن الواقع. فمازال الفلسطينيون يترنحون من العملية اإلسرائيلية في اآلونة األخيرة في نابلس التي تحولت إلى مذبحة حصدت أرواح 11 شخصًا، وأدت إلى إصابة أكثر من 100 فلسطيني. وفي غضون اختتام القمة، قتل مسلحون فلسطينيون مستوطنين إسرائيليين كانا يقودان سيارتهما في قريتهما »حوارة«. وفي غضون ساعات قليلة، هبط مئات المستوطنين اإلسرائيليين المتطرفين إلى »حوارة«، وهاجموا وأصابوا مئات السكان الفلسطينيين بجروح، وأضرموا النيران في مئات المنازل والسيارات. ومع تولي الحكومة الجديدة بقيادة نتنياهو السلطة، تصاعدت وتيرة المداهمات وأعمال عنف المستوطنين مع اإلفالت من العقاب. بعد قمة العقبة، استمرت الغارات الدموية وإطالق النار واعتداءات المستوطنين. وبعد مداهمة إسرائيلية قتلت ستة فلسطينيين آخرين في جنين، وهاجمت قوات األمن التابعة للسلطة الفلسطينية موكب جنازة أحد الضحايا، واعترضت على رفع أعالم »حماس«، وهذا عزز نظرة فلسطينيين للسلطة الفلسطينية باعتبارها »ذراع لالحتالل«. وحين انتشرت أنباء »اتفاقيات« العقبة في إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء نتنياهو بسرعة، قائال »ال تجميد لالستيطان«. وأعلن وزير آخر عزمه مواصلة هدم منازل الفلسطينيين في القدس خالل شهر رمضان. وقال أحد النواب اإلسرائيليين بسخرية »ما حدث في العقبة يبقى في العقبة«. الواليات المتحدة واألردن ومصر أرادوا أن يسود الهدوء، لكن الوضع في إسرائيل وفلسطين خرج عن السيطرة. وتتكون الحكومة اإلسرائيلية الحالية من متشددين ذوي دوافع أيديولوجية يميلون إلى العنف وغير مستعدين لالعتراف بحقوق الفلسطينيين. وبعد عقود من تدليل الواليات المتحدة للحكومات اإلسرائيلية، يتصرف اإلسرائيليون في السلطة اليوم وهو يشعرون بأنه ال يمكن محاسبتهم. والسلطة الفلسطينية التي أضعفها عجزها عن تحقيق »وعد السالم« وما تجرعته من إذالل متكرر على يد الواليات المتحدة وإسرائيل، فقدت دعم الناخبين الغاضبين الذين يردون الضربة اآلن عند ضربهم. وهؤالء الفلسطينيون الغاضبون خارج نطاق السيطرة أيضًا. ومن السخف أن تفترض الواليات المتحدة أن مقترحات العقبة ستحقق الهدوء. وبدًال من تضميد الجرح المتقيح، كان ينبغي على واشنطن أن تستخدم مشرًطا لحل المشكالت الجذرية والمتمثلة في شعور اإلسرائيليين باالستحقاق واإلفالت من العقاب وغضب الفلسطينيين من االنتهاكات المستمرة. وما لم تضع الواليات المتحدة خطوطًا حمراء ثابتة إلسرائيل وعواقب سلبية ملموسة الستمرارها في سوء السلوك، لن يتوقف العنف ولن ينضج اتجاه جديد في النقاش داخل إسرائيل ولن يجد الفلسطينيون األمل. والتغيير لن يأتي بين عشية وضحاها. لقد عمل سوء النهج السياسي على تعميق هذه الحفرة منذ عقود. وسيتطلب الخروج من هذه الفوضى شجاعة وتصميمًا ورؤية. وتوخيا للسالمة، وحتى يحدث هذا، يتعين علينا افتراض أننا سنشهد أيامًا قادمة صعبة.
أخبار ذات صلة
كل التعليقات ( 0 )