Alhawadeth Archive
الدور الأسري في اختلال وظائف دماغ القاتل
هل يوجد دلائل على ذلك؟؛ هل يمكن للإختلال الوظيفي للدماغ أن يفسر سبب ارتكاب الجريمة؟
وفقًا لدراسة تم نشرها في مجلة الطب النفسي متعلقة بعلم الأعصاب النفسي وعلم الأعصاب السلوكي؛ فإن اختلال وظائف الدماغ قد يبرر بعض جرائم القتل؛ وخصوصًا عندما يكون القاتل منتميًا إلى منزل حسن.
وجدت الدراسة أنه إذا كان الشخص معادٍ للمجتمع ولكنه تربى في منزل حسن فإن سلوكه العنيف قد لا يكون بسبب الترعرع بالأحياء العنيفة وحسب بل قد يكون حيويًا، يعتبر القتلة الذين يترعرعون في بيئة مسالمة نسبيًا أكثر عُرضة لانخفاض النشاط في منطقتين رئيسيتين من الدماغ مقارنة بنظرائهم من القتلة القادمين من منازل مزقتها النزاعات الأسرية والمشاكل وسوء معاملة الأطفال، أو حتى المنازل التي يشاهد الأطفال فيها تعرض الأم لسوء المعاملة؛ وهذا الأمر قد يولد عقد نفسية.
قام علماء من جامعة كاليفورنيا باستخدام التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) لمسح أدمغة (38) رجلًا وامرأة متهمين بالقتل، وكان البعض منهم متذرعًا بالجنون المؤقت بالدفاع عن نفسه بأنه غير مذنب في حين أن البقية كانوا غير أكفاء عقليًا للمثول للمحاكمة.
تم إجراء اختبار لمسح مستوى امتصاص سكر الدم في مناطق الدماغ المختلفة أثناء أداء مهام بسيطة ومتكررة، ويعتبر سكر الجلوكوز الوقود الأساسي الذي يموّل معظم وظائف الخلية، وتختلف الكمية المستخدمة بحسب نشاط الخلايا.
ومن ثم قام الباحثون بربط بيئة التنشئة مع النزعات العنيفة من خلال دراسة سجلات المحكمة ومقابلات المحاميين والسجلات الطبية والنفسية ومقالات الصحف؛ بحثًا عن أدلة تفيدهم في تشكيل صورة عن نشأة أفراد العينة ومدى تعرضهم للإيذاء الجسدي أو الجنسي والإهمال والفقر المدقع ومشاكل حضانة الأطفال فيما بين المطلقين، والنزاعات العائلية الشديدة.
وجد أن (12) متهم قد تعرضوا إلى إساءات نفسية كبير، والبقية قد عانوا من الحد الأدنى من سوء المعاملة؛ حيث وجدوا أن نشاط قشرة الفص الجبهي الوُسطَى أقل بنسبة (5.7%) من المعدل الطبيعي؛ وتحديدًا هناك جزء معين من قشرة الفص الجبهي الوُسطَى أظهر نشاطًا أقل بنسبة (14%) من القشرة المدارية الأمامية بالنصف الأيمن.
حين يسأل آباء القتلة القادمين من بيئة حسنة عن الخطأ الذي ارتكبوه نستطيع إخبارهم بأنه ليس خطأهم، وأن بإمكانهم لوم الخلل البيولوجي.
وقد أظهرت الدراسات على الحيوانات أن القشرة الأمامية المدارية تشارك في عملية الخوف وهذا يعد تداخلًا فيما بين السلوك اللاوعي المعادي للمجتمع مع العقاب؛ ويُعتقد بأن التكيف مع الخوف لدى البشر هو السبيل لتطوير الوعي.
لماذا لا يتصرف الجميع بعنف وعدائية؟
يعد أحد أهم الأسباب هو أن معظمنا تكيفنا مع الخوف، وتمت معاقبتنا في مرحلة ما من الطفولة لِفِعلنا أشياء بسيطة مثل السرقة أو ضرب الأصدقاء، لذا تعلمنا المفاضلة فيما بين السلوك المعادي للمجتمع والعقاب، وبالتالي نشعر بالخوف لمجرد التفكير في القيام بفعل معادٍ للمجتمع. لكن لا يتمكن الجميع من تشكيل هذه الرهبة بشكل متساوٍ، في حين أن بعض الناس لديهم أنظمة بيولوجية تجعل الأمر سهلًا؛ والبعض الآخر لديهم نظم بيولوجية تجعله صعبًا، وهم أولئك أصحاب القشرة المدارية التي لا تعمل بشكل جيد.
بعيدًا عن أي تأثير خارجي قد يكون الفرد مهيئًا للعنف، ويمكن الكشف عن هذا الخلل الدماغي من خلال التقنيات الجديدة نسبيًا؛ مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET)، التي تقدم المساعدة للدراسات في تسليط الضوء على المفاضلة بين الجريمة والعقاب؛ وتساعد بإظهار كيف أن بعض المجرمين هم نتاج خلفيتهم، بينما يتحدى الآخرون تربيتهم الحميدة ويتحولون إلى قتلة.
عند دراسة نشأة القتلة نستطيع مثلًا التفريق بين روبرت ألتون هاريس الذي كان سيء التصرفات طوال حياته، وبين جيفري دامر الذي جاء من منزل جيد على نحو غير متوقع، حيث لعب اختلال الدماغ الوظيفي دورًا أكبر نسبيًا في حالة دامر.
يعتبر انخفاض نشاط منطقتي قشرة الفص الجبهي أحد أسباب تهيئة الفرد للقتل، وعند معالجة أسباب الخلل في الدماغ فإن ذلك يساعد في الحد من العنف.
الجدير بالذكر ان الأبحاث فشلت بإثبات تأثير ضرر الولادة والميل للسلوك العدواني بالانخفاض الوظيفي في مناطق الدماغ؛ أي أن قشرة الفص الجبهي الوُسطَى والمدارية الأمامية لا تتضرر أثناء الولادة، ولكن تم ربط اختلال قشرة الفص الجبهي مع إصابات الرأس، ولكن مع ذلك كانت النتائج غير مؤثرة على القتلة مختلفي المنشأ، كما أن الأفراد الذين يولدون مع هذا الخلل الوظيفي في الدماغ لا يعتبر نشاطهم الدماغي مؤثرًا بالسن أو الجنس أو العرق أوالفصام أو الاختلال الدماغي العام.
ومع ذلك قد لاتساعد النتائج على إثبات تأثير الطبيعة والتنشئة في تهيئة الفرد للجريمة بشكل مؤكد، فقد أجريت أبحاث سابقة ووجد بنتائجها أن الأفراد الذين عانوا من مشاكل نفسية فيما بعد الولادة بسبب رفض الأمهات لهم يمتلكون احتمالية مضاعفة ليتحولوا إلى مجرمين في مرحلة البلوغ، مقارنة بنظرائهم الذين لم يعانوا من ذلك.
إعداد: عبدالرحمن فحماوي
درب المعرفة الاردني
كل التعليقات ( 0 )
أخبار ذات صلة