الطريق إلى السجن، لرئيس أمريكي سابق.
تاريخ النشر 13 Mar 2023

ترامب اصفر بواسطة Gerd/Pixabay


ابدأ بالقول، إننا في تدريسنا للقانون في كليات الحقوق الأمريكية نبدأ بتعريف السياسة نقول: إنها "علم المستطاع". معنى هذا أنه إذا كان الأمر غير مستطاع فهو يدخل تحت مسميات أخرى، مثل: الرغبة أو الأمل أو التوقع.

أمريكا يمكن وضعها الآن تحت عنوان: الأمل في الديمقراطية، العالم العربي يتصور خطأ أن أمريكا هي أم الديمقراطية، هذا وهم وعبث وجهل لا يليق بنا كعرب القرن الحادي والعشرين، ان قلنا: "مصر أم الدنيا" فأمامنا الشواهد التي حيّاها أمير الشعراء أحمد شوقي بقوله: "تلك آثارنا تدل علينا – فانظروا بعدنا إلى الآثار".

ولكن ما هي الشواهد على أن أمريكا أم الديمقراطية؟ بالنسبة لمصر لدينا الأهرام والمسلات وحتى الموميات التي احتفلت مصر أخيرا بزفاف موكبها إلى "المتحف المصري العظيم (GEM) The Great Egyptian Museum ". ولكن أين الشواهد على ديمقراطية أمريكا؟ الثقوب في نسيج الديمقراطية الأمريكية أكثر من الثقوب في الجبنة السويسرية، من بينها "المجمع الانتخابي" الذي يحرمك من التصويت المباشر لصالح من ترغب في رئاسته للبلاد، والتعديل الدستوري الثاني الذي يتيح لكل مواطن أمريكي حيازة السلاح واستخدامه؟ هذا الشرط الدستوري قد أكل عليه الدهر وشرب إذ وضع في آخر القرن الثامن عشر عام 1787. ولم تكن أمريكا مستقلة عن بريطانيا في ذلك الوقت، لذا لم تكن هناك شرطة في الشوارع أو جيش في الثكنات أو أسطول في عرض البحار، أو طائرات وبالونات في أعالي السماء. أدى ذلك النص الدستوري إلى مقتل العديد من الأمريكيين وتكشف دراسة لجامعة ميشيغان صدرت في شهر مايو/ أيار 2022 أن عدد الأميركيين الذي لقوا حتفهم نتيجة إطلاق نار متعمد أو غير متعمد بأيدي أمريكية تجاوز 45 ألف شخص خلال عام 2020،. وبالمقارنة مع الجارة الكندية، فقد أبلغت الشرطة الكندية عن 743 جريمة قتل في عام 2020.

وقد يتساءل. المرء لماذا لا يحذف هذا النص حماية لأرواح المواطنين؟ لماذا يتغنى الأمريكي بعبارات رنانة يضعها في أولوية شعاراته " Life, Liberty and the Pursuit of happiness الحياة، الحرية، والسعي وراء السعادة؟ الأمل وحده يقف خلف تلك العبارات، ولا سبيل إلى تعديل الدستور في مسائل أخرى فندتها في كتابي القادم باللغة العربية الذي سينشر في الإسكندرية تحت عنوان: "أوجه النقص في الديمقراطية الأمريكية".

وعلينا أن نتساءل: أمريكا إسمها الرسمي "الولايات المتحدة الأمريكية" وهي عبارة عن خمسين ولاية تترابط عن طريق ذلك الدستور العجوز، وتتساند عن طريق التجارة بين الولايات، ذلك لأن التجارة في حاجة إلى طرق وإلى الإعفاء من الجمارك بين كل ولاية وأخرى.

وعلينا أيضا أن نعرف أن لكل ولاية أجهزتها ومؤسساتها، أي أنه لكل ولاية حكومة يضعها الدستور فوق الحكومة الفيدرالية إن حدث نزاع في القوانين بين الولاية والدولة الفيدرالية، هذه القاعدة المسماة بقاعدة "التفوق Supremacy " المقصود بها أن الولاية فوق النظام الفيدرالي إلا في حالات الدفاع والضرائب.

نجد مثلا أن لكل ولاية جيشا خاصا بها يسمى "الحرس الوطني National Guard"، ويستطيع الرئيس الأمريكي أن يعلن أن جيوش الولايات أصبحت الجيش الأمريكي. وحتى الشرطة: لكل ولاية شرطتها الخاصة. ولا توجد شرطة فيدرالية في أمريكا. أجهزة أمنية متفرقة. كلها ثقوب في النسيج الفيدرالي الأمريكي. ومن خلال هذه الثقوب تغلغل للرئاسة الداهية دونالد ترامب معتمدا على المجمع الانتخابي الذي منحه 304 صوتا. مقابل 227 صوتا إلى منافسته القديرة هيلاري كلينتون. هذا بالرغم من فوزها بثلاثة ملايين صوتا أكثر من الأصوات الشعبية التي فاز بها ترامب. ديمقراطية أمريكا ليست شعبية، ولكنها تمثيلية Representative. وسارعت أجهزة الكذب الكبرى وفي مقدمتها شركة فوكس Fox News إلى تجسيم ترامب وكأنه صلاح الدين الأيوبي في الإطار الإسلامي. والسبب في هذا أن أطنان المال تقبع في خزائن الحزب الجمهوري الذي يحمي الشركات والبنوك الكبيرة من سطوة الضرائب الفيدرالية. وهو أيضا الحزب الذي يشجع على إشاعة الخوف من الهجرة السوداء والبنية إلى أمريكا.

ونادى ترامب بإغلاق أبواب الهجرة أمام المسلمين، ومع هذا تمكن ترامب من حيازة إثنين بليون دولار أهدتها السعودية إلى زوج ابنته جاريد كوشنر، التي تعتنق ديانة اليهودية. لماذا؟ يجهل العرب دقائق صنع القرار الأمريكي الذي تتقنها المنظمات الصهيونية في الداخل الأمريكي.

وبالرغم من كل تلك العوامل التي ساعدت ترامب على الصعود إلى البيت الأبيض وهو زعيم العنصرية والإسلامفوبيا في أمريكا، فقد أصبح العرب يرون بصيصا من النور في آخر النفق السياسي الأمريكي، جاء هذا البصيص. من التطبيق الصائب للقوانين الأمريكية لا من الرشاوي العربية لترامب. أولها المدعي العام في ولاية نيويورك واسمه براج، وهو إفريقي أسود، في طريقه إلى إدانة ترامب لقيامه بتسريب ترامب مالا مسروقا من التبرعات الانتخابية إلى عاهرة من عشاق ترامب اسمها ستورمي دانيال؟ عاهرة تنقذنا نحن العرب من تمرغنا في تراب السياسات الأمريكية المناهضة لنا، بينما الثروات العربية لا تعمل في صالح الحق العربي في فلسطين، والحق الإسلامي في أفغانستان والحق القانوني في العراق. أمريكا دمرت أفغانستان والعراق.

جاءت الرياح القانونية قوية من حيث لا تحتسب ضد ترامب. فحولت الجنحة إلى جريمة. وخرج ترامب بمهزلة أخرى وقاية له من السجن بإعلان أنه سيرشح نفسه للانتخابات ضد الرئيس بايدن في عام 2024. ولهذا هدفان: استمرار تدفق الأموال إليه من أنصار اليمين الأمريكي الذي يقاوم الهجرة والإسلام والضرائب وشل يد القانون ضده.

ولكن يد القانون طويلة وستطوله.


أخبار ذات صلة

المزيد من الأخبار

كل التعليقات ( 0 )

جميع الحقوق محفوظة © 2023 الحوادث
طورت بواسطة : Zahid Raju