ذكرى انطلاقة حركة فتح: انطباعات'
تاريخ النشر 03 Jan 2023

Alhawadeth Archive

 

حين كتب صالح بويصير وزير الخارجية الليبية كتابه النفيس الجدير بالتقدير “جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن ' اتخذت فيه حركة فتح مكانها التاريخي كحلقة في سلسلة الكفاح التاريخي،واستكمالاً لمسيرة هذا الجهاد، بينما يذهب الاخ بسام أبو شريف إلى أبعد من ذلك ليعبر بنبرة أكثر حدة، فيتهم قيادات الحركة بمحاولة مصادرة تاريخ النضال الفلسطيني.

في الحقيقة فأنا لا أوافق تماماً على هذا التوجه فبالرغم من أن الجهاد الفلسطيني لم يبدأ من عند حركة فتح،إلا أنها شكلت انعطافه كبيرة في مفهوم الكفاح وجماهيريته،وكما عبر عن ذلك كثير من الكتاب والمؤرخين الفلسطينيين وصاغوا هذا التحول بعبارة،لقد حولت حركة فتح الشعب الفلسطيني من شعب من اللاجئين إلى شعب من المقاتلين' كان هذا تعبيراً صادقاً وحقيقيا وكنا نحن الذين عايشنا نموها على الأرض الأردنية فخورين جداً بالعمليات الفدائية العابرة للنهر، وبالروح القتالية التي يبثها الإعلام والصحافة الصادرة عنها، حتى أنها لم تسعني الفرحة حين جاء ابن خالتي الدكتور باسم الكسواني رحمه الله وهو يلوح بمجلة فلسطين الثورة ويصيح زافاً إلي الخبر' لقد نشروا لك قصيدة وعلى الغلاف في مجلة فلسطين الثورة، لم أكد أصدق إلا حين رأيت القصيدة والأجمل أن الإطار كان صورة فدائي فلسطيني معتمراً السلاح وملثماً بالكوفية.

في ذلك الزمن كانت صورة الفدائي الفلسطيني بالكوفية تضارع صورة تشي غيفارا ذاته، ولم يعد الفلسطيني خبرا في نشرة، بل صورة في كل مكان على الساحة الدولية بأكملها.

وحقيقة كنا ندين بهذه العالمية لحركة فتح بالذات.

ولكن للتاريخ مساراته وتحولاته وبالرغم من أن حركة حماس كسبت تعاطفنا فيما بعد وخاصة بعد اتفاقية أوسلو التي كانت سقطة تاريخية لا تغتفر، إلا أن إرث حركة فتح الثوري وليس تنظيمها الذي نخره الفساد يظل قابلاً للتبني والحياة حتى عبر حماس نفسها وخير دليل أن محطات حماس لا تزال تردد أغاني فتح القديمة نفسها أغاني النشأة الأولى: طالعلك يا عدوي طالع وطل سلاحي من جراحي، والتي هي إرث ونفس ثوري لم يفقد توهجه وحرارته بعد كل ذلك الزمن.

وكما قال الدكتور جورج حبش: نحن الآن نسلم الراية للإسلاميين لأن القاعدة الجماهيرية أصبحت ملكهم.

هذا التحول نحو الدين لم يكن أبدا لتتبناه حركة فتح بحكم ظروف النشأة وارتباطاتها، فكل حركة تستنفذ رصيدها وشعارها في لحظة تاريخية ما، ولكن يظل هناك من يستلم الراية، إنها الجماهير نفسها التي تقرر الإتجاه وتعيد صياغة العقيدة والشعار أو كليهما معا دون أن تتخلى بالطبع عن الإرث الجهادي الموصول في تاريخ شعبنا الفلسطيني.



كل التعليقات ( 0 )

أخبار ذات صلة

المزيد من الأخبار

جميع الحقوق محفوظة © 2023 الحوادث
طورت بواسطة : Zahid Raju