فاكهة التين
تاريخ النشر 31 Aug 2022

Alhawadeth Archive

فاكهة التين

 

التين في الموروث الشعبي فلسطين

 

شهر اب اللهاب يعتبر بداية موسم التين ويطلق عليه 'موسم القيظ' لشدة حره ومعناه عند بعضهم التموين, إذ يستكفي بعض الفلاحين بالإفطار صباحا على ثمار التين, ومن هنا جاء المثل 'في موسم التين فش عجين'.

كذلك كان القطين يبادل ببعض السلع التموينية, وكان هذا الموسم من أجمل المواسم الزراعية, يترقبه الجميع كبارا وصغارا بفارغ الصبر, والشباب كانوا يتمشون في هذا الموسم زرافات قبل الغروب نحو كروم التين,

وللتين أسماء عديدة, معانيها منتزعة من صميم البيئة الشعبية الفلاحية, وقد نجد أسماء مختلفة للنوع الواحد في المناطق المختلفة, وهي على وجه العموم أسماء اصطلح الفلاحون عليها, ومن أشهرها:

السوادي: ويسمى بسلطان التين لحلاوة ثمره,

البياضي: سمي كذلك لبياض لونه الذي يميل إلى الخضرة, السماوي: وهو الأكثر شيوعا في البلاد نظرا لتحمله ظروفا طبيعية تفوق قسوة ما يتحمله غيره من أنواع التين,

العسيلي: وسمي بهذه التسمية لأنه أكثر أنواع التين حلاوة, ومن خصائصه ظهور نقطة من السائل الحلو على رأس الثمرة الناضجة,

الشحيمي: وتتميز قشرته بسمكها وكأن طبقة من الشحم تعلوها,

الخضاري: ولونه يميل إلى الخضرة وطعمه شبيه بطعم السماوي,

القيسي: وهو حامض المذاق وربما أطلق عليه اليمنيون هذه التسمية زمن الصراع القبلي بين القيسية واليمنية,

المليصي: وتنزلق الثمرة من اليد عند محاولة قطفها لرقة قشرتها,

العديسي: ويشبه لونه لون حبة العدس الأحمر كما يشبهها باستدارته,

والموازي: وثمرته طويلة ولونه اصفر كالموز.

ومن أنواع التين أيضا: الشنيري والسباعي والقراعي والمواني وغيره. وهذا النوع الأخير مخصص لأكل العائلة لكونه من أجود أنواع القطين.

ومن أكثر الأنواع انتشارا البياضي والخروبي, لأنهما يصلحان للتجفيف على شكل قطين. اما الأنواع الأخرى فقد لا يزرع في الكرم الواحد الا القليل منها لكي يؤكل ثمرها طازجا فقط, فتسمى 'الطعامي' نسبة إلى الطعام.

وحين تبدأ ثمار التين بالتكوين تسمى 'طقش', وما ان تكبر قليلا حتى تسمى 'فج' أو 'عجر', وعند اقتراب نضجها تسمى 'دفور', وفي منتصف شهر آب يبدأ الثمر بالنضوج, فيقال:'بشَّر التين' أو 'نمر' أي بمعنى انه أثمر ثماره الأولى, فيغنون وينشدون:

تين مشطب ع الندى

ما حدا يطعم حدا

تين مشطب تشطيبه

الواحد يطعم حبيبه

ويعجل الندى في إنضاج الثمار, فيقال عندما ينضج الثمر بكثرة ودفعة واحدة: 'هجم التين'. وهناك من يعتقد ان أكل الثمر يطيل العمر, فيقولون: 'أكلت من أول الثمار ريتني من طويلين الأعمار', ويقال أيضا:'عليك بأول التين وآخر العنب', وفي الشعر الشعبي الفلسطيني قرأنا:

'قم هيا يا صاحبنا نطرب

نأكل التين المشطب

سلطان التين البياضي

عا صدور البيض بيتقطب'

ويقول الأطفال ويرددون حين كانوا يقومون بأعمال حراسة الكروم أو ما يسمى بـ'النطرة', 'انو اللي في التين حزين' و'أمك وأبوك يقبروك'.

اما القطين فهو من ضروريات الحياة في فصل الشتاء, إذ ان الاعتقاد السائد بأنه يغني عن الطعام, وخصوصا عندما يخلط بالطحين والسكر والزيت, وهي الأكلة المعروفة ب'البسيسة'. ومن هنا مصدر المثل الشعبي 'ان وجد القطين من الجوع آمنين', وثمة أغنية شعبية تقول:'خابية قطين يا فلانة.. خابية قطين.. عيني التنتين والله.. حزنانات عيني التنتين'.

وفي نهاية الموسم يصفر ورق التين ويتساقط فيتهيأ جمع كل ما تبقى على الشجر من ثمر أو 'ذبيل' أو قطين, وهي مناسبة حزينة فيندبونه قائلين 'التين فرقع يا ورشة يا ويل اللي كبر كرشه',

وفي مدح الطول عمود الجمال , فيقولون:'الطويل بطول التين والقصير بيموت حزين'. وفي معرض المقارنة بين التين والزيتون, يقولون:'التين اقطع واطيه والزيتون اقطع عاليه', أي عند التقليم اقطع أغصان التين السفلى لأنها تعيق الحراثة, اما اقطع أغصان الزيتون العالية لأنه يصعب قطف ثمرها حتى باستخدام السلالم.

فلسطين في الذاكرة



كل التعليقات ( 0 )

جميع الحقوق محفوظة © 2023 الحوادث
طورت بواسطة : Zahid Raju