الجيوش الامريكية تعود بخفي حنين
تاريخ النشر 22 Jul 2021

Alhawadeth Archive

 

في افغانستان ينسحب الأمريكيون كما الاعرابي الذي 'رجع بخفي حنين' مقابل خسارة بعيره. ونعتقد ان نفس السيناريو سيتكرر في العراق وسوريا، وستخرج قوات الولايات المتحدة مطرودة مذمومة.

 واذا كان هذا المثل ينطبق على الولايات المتحدة الامريكية، الا ان حنين الافغاني او حنين العربي لم يظفرا بأي بعير،  لابل فان بعير الولايات المتحدة الامريكية قد اتلف الزرع والضرع ..

في القرن الماضي، خضعت الامة العربية لمظالم الاستعمار المباشر وتهجير الشعب الفلسطيني وإقامة دولة اسرائيل، الا ان العشرين سنة الاولى من ذلك القرن قد شهدت فيه الأمة اسوأ وأقسى وأدمى سنواتها في العصر الحديث. ملاين العراقين والسورين والليبين قتلوا وملاين هجروا، ودب الرعب في أوصال الامة من المحيط الى الخليج على مرأى جز الرقاب أمام الكاميرات. هذا المشهد السريالي بدأ بالغزو الامريكي للعراق عام 2003 بحجة تدمير اسلحة الدمار الشامل، غير الموجودة اصلا، لنهب ثروته النفطية ولدعم مخططات اسرائيل التوسعية، ثم تبع ذلك استغلال وركوب الهبات الجماهيرية في البلدان العربية الهادفة للحصول على العيش الكريم.

ولفهم ماحدث أدعي ان في بيئة الراسمالية الغربية المتوحشة واداتها الصهيونية في المنطقة، هناك سببين رئيسيين ذاتيين من جملة الاسباب التي مررت الخطط التي جرت المصائب على الامة العربية وهما:  التخلف الاجتماعي والثقافي الموروث من فترة الحكم التركي العثماني للامة العربية باسم الخلافة الاسلامية، وما سببه هذا الحكم من بتر لعمليات التطوير الثقافي والعلمي واضعاف وتعطيل مفاعيل التطور الراسمالي في المدن العريقة مثل دمشق والقاهرة وبغداد وتونس مع افقار  الشعوب العربية لصالح الطبقة الحاكمة الاقطاعية التركية واعوانها. وبالتالي شدت حياة القرون الوسطى عقول طيف واسع من المجتمعات العربية والاقوام الاخرى المسلمة التي لا تزال تعيش في حالة تفسير النصوص ويتحزب في ضوء الوقائع العتيقة سواد الامتين العربية والاسلامية في تنظيمات الاسلام السياسي السلفي.

 

أما السبب الثاني فيكمن في الثروات الطبيعية، وأهمها النفط، التي جلبت جحافل جيوش العالم المتطور للهيمنة عليها. ومما ساعد في تحويل النفط من نعمة الى نقمة انه قد انساب في معظم المواقع العربية تحت اقدام مشيخات قليلة العدد فقيرة العلم، حولها الاستعمار الى دول، ضبعتها ثروة النفط المستحدثة فاضاعت بوصلتها.

في هذه المعطيات صممت الخطط الاستراتيجية للهيمنة الاستعمارية ابتداءا من اتفاقيات سايس بيكو ، الى محاولة هدم الدول التي يشكل نظامها تهديدا للطموحات الاسرائيلية واعادة تقسيمها وتشكيلها باستغلال الموروث الديني والعرقي وبما عرف بخطط 'الفوضى الخلاقة'.  لقد اخترق العنف والقتل والإرهاب معظم بلدان العرب، فبعد الصومال و الجزائر، العراق وليبيا وسوريا واليمن والسودان وحتى مصر. وقد تم في كل ذلك استغلال الدين، كمحشد جماهيري، وعوائد النفط الخليجي لتمكين عمليات الهدم الدامية للدول العربية. فأضحى تعريف الاخر بالمصطلحات الطائفية عاديا، والاستخدام الوسخ للاموال النفطية في اشعال الحرائق مطلبا، الى الحد الذي سمح لحمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق (عدد القطرين 250 الف) ان يصرح قائلا : (احنا تهاوشنا على الصيدة وفلتت الصيدة واحنا قاعدين نتهاوش عليها -الصيدة هنا سوريا عدد سكانها 25 مليون-). واضاف أن بلاده قدمت الدعم للجماعات المسلحة في سوريا عبر تركيا، قائلا 'كل شيء يرسل يتم توزيعه عن طريق الولايات المتحدة وتركيا والسعودية'

في هذه المخططات تم تشويه ونسف مقومات النهضة العربية ومفاهيم التحرر العربي، ومفاهيم الاستقلال الاقتصادي والسياسي. لقد تم تبرير اقامة القواعد العسكرية الاجنبية، بدلا من رجمها. واصبح التدخل الاجنبي العسكري مطلبا للتحرير، الى الحد أن وسائل التواصل والاعلام السائد صب جام غضبه على الرئيس الامريكي السابق اوباما لانه لم يدمر دمشق ويحتلها كما فعل بوش في بغداد.!

وعليه فان السؤال الذي يطرح نفسه، هل برامج الفوضى التي جلبتها الولايات المتحدة واسرائيل وحلفائهما للمنطقة العربية وجوارها قد أتت اكلها كما هدفت له؟

الواقع ان الصواريخ، شبه اليومية، التي تطلق على القوات الأمريكية في العراق وسوريا بعد عشرات السنين من الاحتلال تجيب على ذلك، صمود ومقاومة الجماهير الفلسطينية من النهر الى البحر، بكافة توجهاتهم السياسية، لمحاولات تمرير الصفقات المشبوهة والاعتداءات الصهيونية على الارض والمقدسات وافشال صفقة ترامب التي لم يشتريها الا 'همل' العرب. اما وليد الفوضى الامريكية في سوريا والعراق ومصر وليبيا فقد تبلور بمسخ ارهابي في ادلب شمال سوريا.

لقد تخلخل ودب الخلاف بمحور وكلاء أمريكا، محور تركيا- الخليج، وضعفت أذرعه المستندة على تنظيمات ارهاب الاسلام السياسي في الدول العربية، مقابل تطور محور ايران- سوريا، واصبحت اذرع هذا المحور اكثر صلابة في العراق ولبنان واليمن وفي المقاومة الفلسطينية.

 

نعم، التشكيلات السياسية التي ترضي السياسة الاسرائيلية والامريكية فشلت ومشاريع التفتيت تنحسر،  وبعيدا عن القوى الاقليمية، هناك في الافق يتبلور محور الشام الذي يتشكل من مصر، التي بدأت تستعيد حضورها العربي والدولي، والعراق والاردن اضافة الى سوريا، وفي حال نجاحه قد يعطي ثقلا لأمة خفت موازينها فعصفت بها الأنواء الدولية والاقليمية. فلا خلاص لهذه الأمة الا بالوحدة والتكامل والعمل الجاد للتنمية، فالأمن القومي العربي لا يتجزأ.



كل التعليقات ( 0 )

أخبار ذات صلة

المزيد من الأخبار

جميع الحقوق محفوظة © 2023 الحوادث
طورت بواسطة : Zahid Raju