شخصيات وزارة بايدن تعكس التنوع في المجتمع الامريكي
تاريخ النشر 24 Jan 2021

Alhawadeth Archive

 

عبد الحميد صيام

أمريكا اللون الواحد انتهت وإلى الأبد

 

نيويورك-“القدس العربي”:  حرص الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن منذ بداية حملته الانتخابية وترشحه للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، بالتأكيد على أنه سيكون رئيسا لكل الأمريكيين. وهذا ما أكده مرارا بعد فوزه وفي خطاب التنصيب. وبدأ فور فوزه عملية اختيار كبار المسؤولين لتعكس هذه الحقيقة. ونظرة إلى تشكيلته الوزارية الحالية، من أقر رسميا في مجلسي النواب والشيوخ ومن ينتظر، يرى بشكل جلي نموذجا غير مسبوق في التنوع يعكس كافة أطياف الشعب الأمريكي في صورته الحالية. وإذا ما تم تأكيد جميع المرشحين الذين اختارهم، فإن مجلس الوزراء – بمن فيهم نائب الرئيس ورؤساء 15 إدارة تنفيذية وثمانية مناصب رئيسية أخرى – سيكون الأكثر تنوعًا على الإطلاق.  فمن بينهم ستة أمريكيين من أصل أفريقي وأربعة من أصل لاتيني وثلاثة أمريكيين آسيويين وواحد من السكان الأصليين.

المشكلة التي وقع فيها ترامب، من بين مئات المشاكل الأخرى، أنه نظر إلى أمريكا من عدسة ضيقة لا ترى إلا البيض وخاصة الأغنياء منهم. انحاز إلى العنصرية البغيضة التي تهمش كل من لا ينتمي إلى نفس العرق أو اللون أو الدين الذي ينتمي إليه المسؤول العنصري. أمريكا تتغير، وهو ما لم يدركه ترامب وأتباعه أو لا يريدون أن يقروا به. أمريكا الـ “واسب” (أوروبيون أنغلوساكسون بروتستانت) انهارت أو تكاد. لم يعد هؤلاء يمثلون الغالبية الساحقة من الشعب الأمريكي. نسبتهم تنخفض باستمرار والأقليات بدأت تأخذ حيزها الطبيعي في ألوان الطيف المتحرك أبدا. أمريكا اللون الواحد انتهت وإلى الأبد. وكلما اعترفت النخب السياسية بهذه الحقيقة كلما وفرت جهدا أكبر في تضييق الهوة بين الفئات المختلفة وترميم الانشقاقات التي تركتها إدارة ترامب طولا وعرضا.

سننظر في هذه المراجعة إلى الإدارة الجديدة، أساسا من حيث الشكل، لا من حيث المضمون، والتي يطرحها الرئيس بايدن على الكونغرس لنرى كيف أن هذه التوليفة تختلف عن سوابقها وأنها محاولة جادة لتعكس صورة أمريكا ذات الخلفيات الدينية والعرقية والجنسانية المتنوعة. وتضم هذه التشكيلة 26 حقيبة بين وزير ومنصب برتبة وزير، وتضم تعيينات غير مسبوقة لتمثل، كما قال بايدن، صورة أمريكا الحقيقية كما هي اليوم لا كما هي مستقرة في خيال بعض العنصريين.

في البداية يجب أن نقر أن إدارة بايدن قد حققت سابقة باختيار إمرأة نائبة للرئيس، ليس لأنها أول محاولة لانتخاب إمرأة لأحد منصبي البيت الأبيض، بل لأنها أول إمرأة تفوز بالمنصب فعلا وتصبح أول سيدة تحتل موقع نائب الرئيس. والسابقة الثانية التي تمثلها كمالا هاريس أنها رسميا تصنف على أنها سوداء من جهة وأنها تنتمي للأقليات المهاجرة. فأبوها أسود من جامايكا وأمها هندية. فقد جمعت هذه المزايا ثلاث التي لم تتوفر لغيرها من قبل.

لنراجع بعض التعيينات التي يقترحها بايدن، صدق عليها الكونغرس أو لم يصدق بعد، لنرى كمية هذا التنوع في الاختيار لتشكل بطريقة جمعية صورة أقرب إلى واقع أمريكا الحالي:

1. الأمريكيون من أصول أفريقية

وزارة الدفاع: إن أرفع منصب يقترحه بايدن ويحظى بتأييد عارم في الكونغرس هو وزير الدفاع الأسود، لويد أوستن، أول وزير دفاع ينتمي للأصول الأفريقية في تاريخ الولايات المتحدة. وقد حصل الجنرال أوستن، البالغ من العمر 67 عاما، والذي تقاعد من الجيش في عام 2016 على إعفاء من الكونغرس بمجلسيه للسماح له بتولي منصب وزير الدفاع، وتم التصويت عليه يوم الجمعة كأول وزير دفاع من أصول أفريقية.   القانون الأمريكي يقتضي مرور سبع سنوات على الضباط خارج الخدمة العسكرية وبعد التقاعد قبل تولي أو الترشح لمناصب سياسية.

ويذكر أن أوستن كان أول قائد أسود للقيادة الأمريكية الوسطى، كما أصبح أول نائب أسود لرئيس هيئة الأركان، وهو ثاني أعلى منصب في الجيش الأمريكي، علما بأن الجنرال كولين باول، وهو أمريكي من اصول أفريقية (والذي أصبح وزيرا للخارجية في عهد جورج بوش الابن) كان رئيسا لهيئة الأركان بين عام 1989 وعام 1993 وقاد حرب “عاصفة الصحراء” ضد العراق عام 1991.

سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة: رشح بايدن ليندا توماس غرينفيلد سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وهي من أصول أفريقية وشغلت عدة مناصب في الخارجية أيام الرئيس أوباما ومتخصصة في الشؤون الأفريقية. وهي إشارة واضحة تؤكد أن الإهمال الذي تعرضت له القارة الأفريقية في عهد ترامب لن يتكرر الآن. عملت توماس غرينفيلد مساعدة لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون أفريقيا في عهد أوباما من عام 2013 حتى عام 2017. وقادت السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء خلال أحداث عصيبة مثل تفشي فيروس إيبولا على نطاق واسع في غرب إفريقيا. غرينفيلد قالت بعد اختيار بايدن لها لهذا المنصب المصنف برتبة وزير:  “إن التحديات التي نواجهها من جائحة عالمية، وأزمة المناخ، والهجرة الجماعية والفقر المدقع، والعدالة الاجتماعية – كلها مشاكل لا هوادة فيها ومترابطة، لكنها قابلة للحل إذا كانت أمريكا تقود الطريق”.

ومن بين المناصب الرفيعة التي أسندت للسود رئاسة مجلس المستشارين الاقتصاديين وأسند للسيدة سيسليا روس، وأسندت رئاسة وكالة حماية البيئة لمايكل ريغان، ووزارة الإسكان والتنمية الحضرية للسيدة مارسية فج.

الأمريكيون من أصول لاتينية

أسندت للأمريكيين من أصول لاتينية أربع حقائب مهمة على رأسها وزارة الصحة والخدمات الإنسانية وكانت من نصيب خافيير بيكارا، ووزارة الأمن الوطني وذهبت لألخاندرو مايوركاس ووزارة التربية والتعليم  للسيد ميغيل كاردونا وإدارة الأعمال الصغيرة  للسيدة إزابيل غوزمان.

السكان الأصليون

لأول مرة تسند حقيبة مهمة للسكان الأصليين. فقد اختار بايدن لوزارة الداخلية ديب هالاند، وهي أول إمرأة من السكان الأصليين تتبوأ أحد أهم المناصب السيادية.

4. المرأة

ستكون وزارة بايدن من أكثر الوزارات في تاريخ الولايات المتحدة إنصافا للمرأة. فمن بين  26 منصبا وزاريا هناك 12 سيدة يتبوأن أعلى المناصب الوزارية، إضافة إلى المتحدثة باسم البيت الأبيض، جن بساكي. وللعلم فقد اختار بايدن جميع أعضاء المكتب الإعلامي للبيت الأبيض من النساء وعددهن سبعة، وهذه سابقة لم تحدث من قبل. ومن بين النساء اللواتي يشغلن مناصب سيادية وزيرة الخزانة والإدارة العامة للمخابرات، ومكتب إدالرة الميزانية.

 

البيض (بمن فيهم اليهود)

 لا نستطيع أن نصنف أعضاء الوزارة حسب أديانهم فهذا من الممنوعات في النظام الأمريكي ويكون التصنيف حسب الخلفيات العرقية أو اللون. لذلك لا نملك إلا أن نضع هذه الأسماء تحت يافطة البيض إلا أن التعليقات والملاحظات على العدد الكبير من الحقائب ذهبت للبيض من أتباع الدين اليهودي  بشكل لا يتناسب مع عددهم. فوزارة الخارجية ذهبت لأنطوني بلنكن. ووزارة الخزانة لجانيت يلين، وهي أول إمرأة تتبوأ منصب وزارة الخزانة وقد شغلت من قبل رئيسة مجلس الاحتياطي الفدرالي السابقة. ووزير العدل ميرك غارلاند، وكبير موظفي البيت الأبيض من نصيب رونالد كلاين، وونائب رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية “سي آي أيه” عين لها ديفيد كوهن. ووزير العدل ميريك غارلاند، وأفريل هاينس/ مديرة الوكالة الوطنية للاستخبارات، ونائبة وزير الصحة راتشيل ليفين، ورئيس الأمن الوطني؛ أليخاندرو مايوركاس.

 

6. المثليون

 لغاية اللحظة لم يعين بايدن شخصا من مجموعة المثليين والمتحولين جنسيا مع أن هناك وظيفتين في البيت الأبيض أسندتا لهذه المجموعة، لكن المجموعة لم تحصل على أي منصب وزاري. وقد أرسل “تجمع المساواة للمثليين والمتحولين جنسيا في الكونغرس” رسالة إلى الرئيس بايدن يذكرونه بضرورة عدم إقصاء هذه المجموعة. وجاء في الرسالة: “بينما تسير إدارتك على الطريق الصحيح لتكون الأكثر تنوعًا في التاريخ الأمريكي، نطلب منك مواصلة التزامك بالتنوع من خلال ضمان تضمين مهنيين من (LGBTQ) في حكومتك وفي جميع أنحاء إدارتك”.

الأقليات

تضمنت وزارة بايدن والمناصب الرفيعة الأخرى عددا من أبناء الأقليات عدا عن من هم من أصول لاتينية. فقد عين بايدن مديرة للإدارة والميزانية وهي نيرا تاندن (من أصول هندية) كما عين كأثرين تاي ممثلة الولايات المتحدة في التجارة وهي من أصول آسيوية.

كما اختارت إدارة بايدن، ريما دودين، أول امرأة من أصول فلسطينية (الخليل) لتكون نائبة مدير المكتب التشريعي في البيت الأبيض.

 

تلك هي الصورة عشية بداية طرح المرشحين والمرشحات للتصديق عليهم في الكونغرس. قد نتفق أو نختلف على سياسة بايدن، لكن لا نملك إلا أن نثمن هذا التنويع في توزيع الحقائب على مكونات الطيف الأمريكي الذي بدأ الآن يفتح المجال للأقليات والملونين والمهاجرين وأبنائهم لصناعة المستقبل الجديد لدولة خالية من العنصرية واشرار الحرب وأباطرة المال.



كل التعليقات ( 0 )

أخبار ذات صلة

المزيد من الأخبار

جميع الحقوق محفوظة © 2023 الحوادث
طورت بواسطة : Zahid Raju