الفرق بين الفكر السّياسي المغاربى والمشارقى ؟
تاريخ النشر 04 Apr 2020

Alhawadeth Archive

 

بقلم : رضا يوسف أحمودى ـ تونس

كثيرا ما تساءلت عن الفرق بين الفكر السياسي المغاربى والمشارقى مرورا بالفكر والسياسة كمتّصلين فى السلطة ومنفصلين فى باقى شؤون الحياة ؟

لماذا نجد بعثيّا فى تونس فى حين أنّه من المستحيل أن نجد دستوريّا أو تجمّعيّا فى العراق وسوريا؟

لماذا نجد إخوانيّا فى الجزائر فى حين أنه من المستحيل أن تجد مصريا يدين بالولاء لجبهة التحرير الجزائرية ؟

لماذا نجد حزب الله فى المغرب فى حين أنه من المستحيل أن تجد حزب الإستقلال فى لبنان؟

السياسي المغاربي الوحيد الذى خرج فكره وراء حدوده هو العقيد معمر القذافى بفضل شبكة اعلامية واسعة وقدرة فى الخطابة وكاريزما استعراضية تجلب الأنظار والإنتباه أينما حلّ.

الفكر السياسي المشارقى هجومى فى حين ان الفكر السياسي المغاربى دفاعى.

الفكر السياسي المشارقى حضارى شمولى فى حين ان الفكر السياسي المغاربي تجريبى متقوقع.

الفكر السياسي المشارقى استراتيجى بعيد المدى فى حين ان الفكر السياسى المغاربى تكتيكى يراوح بين الفعل وردّ الفعل والتجربة والخطئ.

لماذا انطلق الربيع العربى من المنطقة المغاربية وتوقّف فى المشرق بعدما كان مخطّطا له أن يسقط عدّة أنظمة؟

المغرب 'أنتجت' مفكّرين كبارا منهم المنجرة والجابرى والعروى والفيلالى تفاعلوا إيجابيّا مع السلطة دون تبعيّة لها ودون صدام معها ... علاقة ذكيّة هندسها الملك 'الثعلب'الحسن الثانى ... وهذا التّفاعل جنّب المغرب هزّات شهدتها بقيّة دول المنطقة (انتفاضة شعبية فى تونس + تمرّد مسلّح فى ليبيا +عشريّة سوداء فى الجزائر + انقلابات عديدة بموريتانيا) ... لكن الفكر المغربي بقي إقليميّا نتيجة واقع سياسييّ عام وضحيّة رفض المشارقة الإعتراف بالإبداعات المغاربيّة!

تونس والجزائر وليبيا وموريطانيا بهم مفكّرون وأكادميون كبارا أجبرهم الواقع السياسي على التقوقع أو الغرق فى أبحاث نظرية جافة بعيدة عن الواقع المعاش ولا تثير غضب السلطان ... فى ظلّ إعلام موجّه مهمّته تقزيم العمالقة وعملقة الأقزام ...وهذه السياسة متواصلة حتى بعد الإطاحة بالأنظمة وهي من أسباب فشل 'الربيع العربي' الذى إختطفته وسيطرت عليه رويبضة اليمين واليسار

والوسط.

مغاربيّا يشكو المفكّر والسّياسي نقصا فادحا فى الربط بين النفسي والاجتماعى والسياسي فى سياق تاريخى تفاعلى حضاريّ ممكن ترجمته على أرض الواقع.

فى حوار مع مثقّفة ليبيّة حول عمل الرئيس عبد الفتاح السيسي فى مصر قالت : 'السيسي يتصرّف كمدرّب كرة قدم' ... تهمّه مصالح مصر بشخصيّة تجمع بين التديّن والعسكرية والولاء التاريخى لحضارة الفراعنة دون مشروع ثقافى آنيّ يعيد لمصر إشعاعها الفكرى ويخرجها من قطريّة هندس لها أكثر من رئيس سابق. تجتمع مصر والعراق تاريخيّا فى المعمار لكن كل الخشية ان لا تجد الاجيال القادمة فى متاحفها ما يؤرّخ لهذه الفترة من ابداعات غير البناءات العملاقة.

الفكر المغاربى الى الآن ضحية إستعمار فرض ادارة متخلّفة تعيق كل شئ وتعتنى بالمظهر دون اللّب ... فى حين ان الفكر المشارقى فكر اكثر نأثيرا فى الواقع لقربه من البراغماتية العملية المنتجة التى هدّدت أمن 'إسرائيل' ودفعت فيها شعوب المنطقة الثمن غاليا.

للطبيعة أيضا تأثير فى الفكر قد تكون بابا لبحث أوسع. القنوات التلفزية ووسائل التواصل الإجتماعى قد تغذّى تفاعل الأفكار التى قد تلهم يوما قيادة حكيمة تبنى على المشترك وتحمى حقوق الجميع فى الإختلاف دون تجاوز للقانون.

الحضارة زواج بين الفكر والسياسة.



كل التعليقات ( 0 )

أخبار ذات صلة

المزيد من الأخبار

جميع الحقوق محفوظة © 2023 الحوادث
طورت بواسطة : Zahid Raju