في دراسة للكاتب محمد سيف الدين نشرت في 2 تموز/ يوليو 2014 ووصلت الى 12 الف قارئ بعنوان أبعد من داعش.. الشرق الأوسط بين خيارين تطرق الكاتب لاسباب نمو داعش في العراق نورد الجزء الخاص بداعش
·
· ""لا شك بأن لتمدد "داعش" في العراق أسباباً داخلية عديدة، ترتبط بالعراق أكثر مما ترتبط بقدرات التنظيم المتطرف الذي لا يجد له حاضنة شعبية في المناطق التي يسيطر عليها داخل سوريا، والذي تسبق سيطرته على أي منطقة حركة نزوح السكان الهلعين.
وفي أول الأسباب تلك، يأتي النظام السياسي العراقي بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، حيث تحول إلى نظامٍ طائفي يقوم على تقاسم المنافع والمواقع بين الأحزاب والقوى الطائفية، من دون الالتفات بشكلٍ جدي إلى ضرورة بناء دولة ديموقراطية تعددية تقوم على احترام الطوائف من جهة، وبناء مفهوم المواطنة من جهة ثانية.
وكان بنتيجة هذا الخلل في النظام السياسي أن عاش العراق عشر سنوات من الأزمات السياسية المتتابعة، ومن الطبيعي أن تنتج هذه الأزمات فساداً في الدولة في كنف نظامٍ طائفيٍ، وأن تشعر كل فئة بأنها معنية بالدرجة الأولى بانتزاع حقوقها من الفئات الأخرى. وبالتالي فإن المكونات المختلفة تسعى في سبيل ذلك إلى استجلاب التدخلات الخارجية في شؤون البلاد.
من ناحية ثانية، يتبين وجود ثغرات جدّية في بناء القوى الأمنية للدولة، وأن الإنفاق العسكري العراقي على بناء قدرات اليد الغليظة للدولة لم يؤدِ إلى نتائج كافية لدرء خطر الإرهاب، خصوصاً في الناحيتين المسلكية والنفسية لرجال الأمن كما تبين الأحداث الأخيرة.
لقد سيطر مسلحو "داعش" في العاشر من حزيران-يونيو على الموصل، على الرغم من تواجد عشرات الآلاف من قوات الأمن العراقية في محافظة نينوى. تزداد الريبة مما حصل إذا علمنا أن الإنفاق العسكري العراقي بين عامي 2004 و2012 فاق 37031 مليون دولار*، بمعدل 2،6 % من إجمالي الناتج المحلي سنوياً.
ولا يمكن حصر التقصير في هذه الناحية بالحكومات العراقية المتعاقبة، فالاحتلال الأميركي عمد إلى حل الجيش العراقي كخطوة أولى بعد إسقاط نظام صدام حسين. ولم تعتن الإدارة الأميركية جدياً بكل الخطط التي قدمت للمرحلة الرابعة من الحرب، وهي التسمية التي أطلقت على مرحلة إعادة بناء قدرات الدولة العراقية بعد انتهاء المراحل الثلاث الأولى التي اشتملت على تفاصيل الأعمال الحربية وتفكيك النظام.
لقد تُرك العراقيون ليبدأوا من الصفر في المجال الأمني، برغم الحديث عن المساعدات الأميركية في التدريب والتسليح وبناء الأجهزة، بعد أن غيّر دونالد رامسفيلد خطة الـ 400 مليار دولار لإعادة بناء العراق واستعاض عنها بـ"تسهيل جهود العراقيين الهادفة إلى بسط الأمن في بلادهم وإعادة إعمارها باستخدام عائدات صادراتهم من النفط"، كما يقول الجنرال برنارد تراينور ومايكل غوردن في كتابهما "كوبرا 2.. التفاصيل الخفية لغزو العراق واحتلاله".
فهل هذا يجيب على اسباب نمو التنظيمات المتطرفة ؟