شعر نزار حسين راشد
"وفاء"
هل ستلتقي عيوننا
مرّةً أخرى
هل يُقدّر لي أن ألمح
ظلّ الوفاء
في قزحيّتيكِ المنيرتين
أم هل ستنكرني الذاكرة
فللذاكرة خياناتها أيضاً
وإنكاراتها؟!
التقينا على غير موعد
وربّما نفترق
على غير موعدٍ أيضاً
فللقدرِ تدابيره
التي لا حيلة لنا فيها!
صحيحٌ أنني أحببتكِ
بكل قلوب الشعراء
ونحتّ صورتك في قلبي
من كلماتهم الشفيفة
ومع ذلك فأنا ذلك الطفل الساذج
الذي تجرحه نظرةٌ أو كلمة
أو حتى"بلوك"
بالأمس رأيت عاشقاً صغيراً
يهرول درج المطعم باكياً
ودموعه ترسم خارطة على وجهه
وهو يولول:
عملتلي "بلوك"
عملتلي"بلوك
أنا طبعاً لا أنتمي
لذلك المجتمع المترف
المتعثٍر بخطاياه الصغيرة
ورغباته الاثيرة
وأنانيته المثيرة
ولا لتلك الطبقة الفارغة
ومع ذلك تأثّرت بالمشهد على سذاجته
فنحن لا نستطيع إلغاء البعد الإنساني
وإخضاعه لمقاييس الطبقة!
أو تفصيله على قدر رؤيتنا للأشياء
ولكنني لا يرعبني البلوك
بل يضحكني
إنه تحايل على الذات
وطريقة لمراوغة الحقيقة
التي يمليها الواقع!
ولذا فأنا أفضل الإنتظار
حتى لو كان بلا جدوى
وهذا ما أتقاسمه
مع ذلك العاشق الصغير
أننا نرفض الإستسلام
ونتحدّى البلوكات
أنا بالضّحك و هو بالدموع !
"نقطة في آخر السطر"
ها أنت تضعين نقطةً
بآخر سطرٍ طويل
رُبّما لوتريّثتِ قليلاً
لكُنّا التقينا ولو بعد حين
لكنّّكِ رُبّما آثرت الجنوح لبرٍّ امين
بعيداً عن موج بحري
الذي لا تأتمنه السّفين!
كنتُ أقلّبُ الشاشة
أبحث عن وجهٍ
يشابه وجهك
حين جاءت نشرة الطقس
تتلوها مذيعة
بابتسامةٍ عذبةٍ
وثوبٍ قصير
فلم أُعرها انتباهاً
كيف وأنت لا تزالين
تحتلّين مدى الرّوح
حتّى ولو تزعزعت
شيئاً قليلاً
ركائز الأريحيّة
حيّرتني يا نزار:
كتبتَ كلّ تلك القصائد
لكنّك لم تصف لي دواءً
يعالج حبّي قديم
ام أنّه قدرٌ
يحُطّ في القلب
على حين غرّةٍ
ثم يفرّ مُتّبعاً
خطّه المستقيم
والتي أحببتها:
امرأةٌ ليس لها عرش بلقيس
ولا طنافسها
ولا رسائلها الملكية
وأنت ملأت الصحائف شعراً
عن أميرةٍ بابليّة!
هل خدعتني يا نزار؟
وهمت في كُلّ وادٍ
بغير دليلٍ ولا خطّة
ولا أحرُفٍ أبجديّة
ولم يُصغ قلبك للعشق حقّاً
ولا وطئت أرضه البور
لا شاميّةٌ ولا يمنيّة
أما أنا فقد عذّبني العشق حقّاً
وها هي تكتب سطر الوداع
دون أن تنتظر الرّد
وها أنا أكتب مثلك شعراً
يرحم الله روحك
فقد علّمتني أن أكتب الشّعر
علّمتني بادئة البدء
وتركتني في صخب البحر
لا أعرف كيف أنهي القصيدة
او أسبح في ثقةٍ
إلى شاطيء
العربيّة
نزار حسين راشد