على حين غرة، دون ما إنذار، فاضت جائحة الكورونا مثل سيل العرم فشملت كافة أقطار الأرض وقضت على من قضت واهلكت من أهلكت. نعم شهدت الكرة الأرضية على مرّ القرون من المآسي الكثير، ولكن لا أخال أن أية مأساة وقعت في السابق تعدل ما أحدثته هذه الكارثة. ومع ذلك فإن الأمل كبير في قدرة الإنسان على التغلب عليها قبل مرور وقت طويل هذا العام.
ورغم ما أحدثته هذه الجائحة من اضرار، فإن ما حققه الإنسان في الميدان الإلكتروني قد خفف كثيرا من الآلام والمآسي.
ففي الآونة الاخيرة بلغ التقدم في الميدان الإلكتروني شأوا بعيدا. واستخدم الحاسوب أو الكمبيوتر وسواه من الأجهزة والوسائل الإلكترونية في استمرار الأعمال والاتصالات والاجتماعات والتجارة بمختلف أشكالها.
وحتى قبل مجيء هذا البلاء أصبحت الأجهزة الإلكترونية وسائل أساسية في جميع مناحي الحياة والأعمال. بل اصبح الناس، ولا سيما الشبان وصغار السن، يقضون كثيرا من الوقت في التحدث وفي الاتصال مستخدمين واحدا من الأجهزة الإلكترونية.
إذن فقد حقق الإنسان الكثير في هذا الميدان مما خفف من وطأة الجائحة الشديدة. والسؤال الآن هو كيف سيكون الحال بعد التغلب على الكورونا؟.
حقا كان للتقدم العلمي في الميدان الإلكتروني الفضل الاكبر في استمرار الخدمات والأعمال والتجارة. ولولا ذلك لحصلت كثير من المصائب والمحن، ولا ما تمكن الإنسان حتى من الحصول بسهولة على احتياجاته من غذاء وغير ذلك. ولكن بعد التغلب على هذه الجائحة لن يكون من السهل العودة إلى الحياة كما كانت من قبل. فقد أصبح الاتكال على الاتصالات والاجتماعات والأعمال الكترونيا أمرا طبيعيا، واعتاد عليه الناس. و كثيرا ما نرى عددا من الشبان أو الفتيات في لقاء معا ولكنهم جالسون وكل منهم في يده جهاز يكون مشغولا في استخدامه في التواصل أو العمل. وقلما يحدّث الواحد من المجتمعين الاخر، لأنهم جميعا مشغولون كل بجهازه.
وهنا لابد من العودة في الذاكرة إلى الزمن القديم، بل والزمن الذي سبق البلاء الجديد، حيث كان اللقاء مرحا او على الاقل يغلب فيه التحدث والتشاور. فلقاء الأشخاص وتحدثهم وتبادلهم للاراء والقصص له علاقة بالروح والنفسية. ويخطر السؤال في معرض هذا الحديث: هل يبتسم الكمبيوتر؟
ما أهدف قوله هو أن ما يخشاه المرء هو ان يقع الانسان في شرك اشتركت في احداثه الكورونا والكمبيوتر. ولا شك في أن للكمبيوتر فوائد لا تعد ولا تحصى، وهو دليل على تقدم الإنسان ولا غنى عنه. ولكن ليس للكمبيوتر أن يلغي بعض ما اعتاد عليه الإنسان من تواصل ولقاء ومرح وتبادل الآراء شخصيا مع ما يرافق ذلك من تعبير. صحيح أن الهاتف يوصل كل الكلام، ولكن لقاء الفرد مع الفرد أو الأفراد فيه تعبير يفوق كل تعبير هاتفي او الكتروني.