في العشرين من هذا الشهر، يناير/ كانون الثاني تنتهي ولاية الرئيس ترامب وتبدأ رئاسة جو بايدن، أو بالأحرى ستشرق شمس جديدة تشع بالأمل والإطمئنان. ورغم اصرار الرئيس ترامب على الاحتفاظ بمركز الرئاسة، مستخدما كل وسيلة ممكنة، إلا أن للقانون الكلمة النهائية. و سيترك ترامب المكان داخلا التاريخ من باب واسع، بيد أن ذلك الباب يفتقر إلى النور الساطع.
الرئيس ترامب عندما دخل البيت الأبيض دخله محتفظا بعقلية التاجر الرامية إلى تحقيق المصلحة الشخصية. رغم ان مهمة الرئيس الأولى هي خدمة الوطن، خدمة هذا البلد العظيم قبل كل شيء. وهنا لابد من الإشارة إلى أنه عند تولية الرئاسة اتخذ اتجاهين بارزين في السياسة الخارجية. أولهما انه أدار ظهره إلى الأمم المتحدة ولم يعطها ما تستحقه من اهتمام، رغم أن للولايات المتحدة مكانة عليا في المنظمة الدولية. و الثاني أنه أولى اهتمامه الأكبر لمساعدة إسرائيل في تحقيق مطامعها وأهدافها العدوانية، فصدق القول أن من لا يملك أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق أن يملك. فقد أهدى ترامب، في وسط جو من الفرح، مدينة القدس لإسرائيل. وأهدى أيضا الجولان لإسرائيل.
هذا هو بعض ما قام ترامب بأدائه في السياسة الخارجية. أما في الداخل فحدث ولا حرج. وقد تجلت هنا أيضا مهاراته التجارية. ومن التجار من هو صادق مستقيم، وقد تجد منهم من لا يهمه سوى جمع المال. قد طرق ترامب أبوابا عديدة لتحقيق المآرب الشخصية. وقيل الكثير عن الإنتفاع بالمنصب لخدمة الممتلكات الكثيرة من حيث دفع الضرائب المستحقة وغير ذلك.
المؤسف جدا أن الولايات المتحدة في عهد ولاية الرئيس ترامب قد حدثت فيها الفرقة بين فئات شعبها. والولايات المتحدة لها مكانتها العالمية المرموقة. ومثل هذه المكانة تستحق الرئيس الذي يتسم بالصدق والنزاهة، الرئيس الذي يتصف بالكياسة التي تليق برئيس أهم بلد في العالم.
لقد ورد مواطنو الولايات المتحدة في القرنين الماضيين من كل حدب وصوب. ولا تزال العبارة التالية على تمثال الحرية هي عنوان الترحيب:Give me your tired, your poor, your huddled masses "أعطوني المتعبين فيكم، والفقراء والجموع المتزاحمة".
نعم هكذا استقبلت الولايات المتحدة الكثيرين من الذين دخلوها حبا لها وأملا في رفاهها. ومن المؤسف انه في زمن رئاسة ترامب، لقي كثير من اللاجئين القسوة على الحدود بل وقد فصل بعض الأطفال عن ذويهم.
بيد أن بوادر الأمل أخذت تسطع الآن بحلول عهد جديد. ذلك أن من المتوقع أن يكون عهد رئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن بداية لرجوع الولايات المتحدة إلى مكانتها العليا، مكانتها المرموقة، مكانتها التي تتبع فيها سياسة الحكمة وحسن التصرف في الخارج، و سبيلها العقلاني في الداخل. وفي ذلك يكون المبدأ المرشد هو خدمة مصلحة الولايات المتحدة قبل خدمة أي مصلحة شخصية او أي بلد آخر ذي مطامع عدوانية.
الولايات المتحدة التي كانت ولا تزال محط أنظار الناس من كل حدب وصوب يجب أن تستبقي مكانتها هذه في عالم يواجه المتاعب السياسية والآفات الطبيعية، مكانتها التي تتطلع إليها الملايين من الذين وفدوا إلى هذا البلد على مر السنين.