يلقبونه بالأستاذ بينما حقيقة هو لم يعمل في التعليم في أي مرحلة من مراحل حياته. له ألقاب آخرى منها "الأستاذ وائل"! لا أعلم حقيقة أبعاد وأسباب هذا اللقب فهو ليس اسمه الحقيقي، ربما أنه اسم دلع - مع كل الإحترام للأصحاب الحقيقيين لهذا الإسم الجميل – وربما يكون في حقيقته دلوعة الماما لكن ذلك ليس مؤكدا.
لا أعلم لماذا رغبت وهممت بالكتابة عن هذه الشخصية المركبة العجيبة؟ فهو متعلم ولا يظهر أنه ارتاد مدرسة أو قرأ كتابا في حياته! هو رياضي ولم يكن قد أجاد رياضة ما! هو المدير الفاشل في كل ما أداره في حياته.
ابتدأ حياته موظفا وكاد صاحب العمل أن يطرده من العمل أكثر من مرة لكن تدخل الأهل كان يمنع صاحب العمل أن يطرده من العمل.
لا أحد يعلم كيف استطاع أن يؤسس مشروعه الخاص، يقال أنه ورثه من عائلته لكن عائلته لم تكن أبدا بذلك الثراء؟ يقال أن إحدى المنظمات السرية تواصلت معه وأسست له مشروعه ليقينها أنه ليس من الشخصيات التي تتمرد عليها، وربما أخذت عليه مستمسكات ضمنت أنه لو حاول التمرد فسيكون بذلك نهايته المطلقة.
يقال أنه عثر على مغارة مليئة بالذهب، ويقال ويقال ولا أحد يعلم الحقيقة! يقال أن تلك المنظمة تفكر بسحب المشروع منه فربما أخذوا يضيقون ذرعا بقراراته الفاشلة. يعشق اتخاذ القرارات ذات صفة المقامرة وجميع مقامراته كانت دائما خاسرة. جميع قراراته هي دائما خاطئة. يحاول أن يستميل جيرانه لكن جميع الجيران يهابون التواصل معه فهو كما يقال شخصية ( مشبوهة ).
كان أستاذنا "وائل" يتصرف تصرفات كبار أثرياء المنطقة التجارية كلها، فكان يرتدي أفخر الملابس ويقتني أفخر السيارات العالمية، كان يتمظهر بمظاهر الثراء الفاحش مع أن مشروعه التجاري لا يدخله إلا القلة من الزبائن. كان محل "أستاذنا" يعج بالموظفين والمدراء منهم بدلا من الزبائن والعملاء. فأما المدراء فبمجرد أن يقوم بتعيينهم كمدراء، كانت تظهر عليهم مظاهر الغنى والترف دون أن يفهم أحد كيف لهم أن يصبحوا أثرياء بفترة قصيرة خاصة مع عدم وجود عمل واضح لهم وما يمكن أن يعمله هؤلاء المدراء. تبين لاحقا لبعض أصحاب الفضول الذين يدسون أنوفهم في أي وكل شيء أن هؤلاء المدراء يبيعون موجودات المشروع وكان الأستاذ يقوم بتعويض هذه الموجودات فيعيد شراء آلات ومعدات وسيارات جديدة دون أن يسأل أو يحاسب عن مصير ما كان موجودا في المشروع. كان هذا المشروع دائما مثل ( حارة كل من إيده له ) دون محاسب أو مسؤول. حقيقة لا نعلم إن كانت عملية منفعة متبادلة بين "الأستاذ" والمدراء في المشروع فهم لا بد كانوا يطلعون على مصادر الأموال التي تأتي للمشروع وكان لا بد للأستاذ أن يترك لهم بعض الفتات حتى يصمتون على ما يدخل في حسابات "الأستاذ" الشخصية خاصة عندما يأتي مندوبوا الضرائب لحساب الضريبة على هذا العمل التجاري، وكان هذا الفتات دائما كبيرا جدا. تبين لاحقا أنه كلما باع أحد المدراء شيئا من موجودات المحل فإنه كان يحتفظ بنسبة بسيطة بينما كان غالبية ثمن البيع يذهب إلى "الأستاذ" شخصيا. مع ذلك فإنه لو اكتشف "الأستاذ" أن أيا من هؤلاء المدراء أخفى أية معلومة من حيث ما تقاضاه من ثمن البيع فإنه كان دائما ما ينهي عمل المدير وأحيانا كان يتدبر عقابه دون أن ينبس المدير ببنت شفه عن حقيقة ما كان يدور بينهم وبين استاذهم، تلك كانت اتفاقية مثل اتفاقيات المافيا فمن يبوح بسر من الأسرار يستحق رصاصة الرحمة التي تنهي حياته.الملاحظة المهمة هي كيف كان ينقّل مدراءه في المناصب، فمن هو اليوم مدير لشؤون الموظفين هو غدا مدير للمستودعات ومن هو اليوم مدير للمبيعات غدا هو مدير للعلاقات العامة! كان هؤلاء المدراء وكأنهم في لعبة أطفال دوارة، لعبة كراسي، ليس لهم أي تخصص أو إدامة في مواقعهم!
حاول الكثيرون أن يعرفوا كنه تجارة هذا المشروع لكن أحدا لم يتمكن من ذلك. تارة كان يتاجر في الطاقة والكهرباء، وتارة في النفط والمشتقات البترولية، تارة في الاتصالات، وتارة في الموارد الطبيعية، تارة في الغذاء بأنواعه، حتى تجارة البشر كان يمارسها في الخفاء لكن كان ذلك يكتشف فلا شيء يمكن إخفاءه إلى الأبد. كان الناس يستيقظون صبيحة كل يوم فيجدون اللافتة قد تغيرت وأصبحت تعلن عن مسمى جديد لنوعية التجارة لهذا المشروع! لكن دائما وباستمرار ما كان يتم في المشروع هي عمليات بيع! لم تكن تتم أية عمليات شراء، وكأن ما يباع كان مخزونا منذ زمن طويل. الجميع كان يترقب انتهاء هذا المخزون من كافة أنواع البضائع التي كانت تباع بأبخس الأثمان حتى كأنها بلا ثمن. كانت مخازن هذا المشروع كالجراب السحري فلا ينتهي ما يخرج منه.
في أي عمل تجاري أو إداري فإن أكثر ما يهم صاحب العمل هو النتائج، الغريب أن أستاذنا لم تكن تهمه النتائج بالرغم من آثارها الكارثية. ربما كان ينتظر تصفية مشروعه حتى يكون ذريعة له أمام مموليه حتى يترك المنطقة ويتفرغ لإدارة أمواله الخاصة الموجودة في منطقة أخرى خارج حدود منطقة مشروعه.
أمور تاجرنا كانت مبهمة دائما، أكرر أنني لا أعلم ما الذي دعاني للكتابة عن هذا "الأستاذ"، لكن السبب الأقوى.... ربما أنني اخترعت شخصية خيالية لا وجود لها!
.
عمان في 02/04/2021
وليد السبول
walidsboul@gmail.com