للرئيس المنتخب جو بايدن خطة شراكة مع الجالية العربية
في قصيدة بعنوان الكلب كتب الشاعر يوسف عبد العزيز:
أريد أن أشرب فنجان قهوة،
أن أقرأ رواية،
أن ألمّع حذائي،
أن أذهب إلى البحر،
.....
أريد أن أصرخ وأضحك،
وأتبادل الشتائم مع سائق حافلة،
بعيداً عن ذلك الكلب المعتوه
في البيت الأبيض،
الذي يسمّم حياتي،
بنباحه المتواصل.
هذا الشاعر العربي لا يعيش في الولايات المتحدة الامريكية، لكنه كان يحس أن دونالد ترامب قد لوث أسماع بني البشر على هذا الكوكب، لقد إقتحم صوته كيان الشاعر وحاصره الى الحد الذي جعله ينتفض مرددا هذه الابيات.
الصابر الصبور راعي أبرشية السلام، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي يستهدي بقول عيسى عليه السلام "من صفعك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر"، رمى هاتفه ومفتاح صندوق بريده مانعا ترامب من الوصول اليه، ففي الاجتماع الطارئ للجامعة العربية في القاهرة في بداية العام الحالي قال انه "رفض الحديث مع دونالد ترامب هاتفيا أو استلام أي رسائل منه".
النائب عضوة الكونجرس الأمريكي السيدة رشيدة طليب، الامريكية الفلسطينية، ضاق صدرها من سماع ترامب الى الحد الذي جعلها تغرد على تويتر واصفة اياه بكلمة عربية اشد وقعا على الاذن من رديفتها الإنجليزية المعتاد على استخدامها الشعب الأمريكي "ذِس برزدنت إز خراء"
هذه النماذج من رد الفعل على سلوك ترامب وقراراته لم تصدر نتيجة النزق لدى هذه الشخصيات، بل صدرت رفضا لمواقف وأفعال هذا الرئيس الأمريكي الذي لم يكن بموجبها، فقط، يستبيح المحرمات في قلعته الامريكية العظيمة، بل كان يفعل ذلك في كافة أرجاء المعمورة.
في الشرق الأوسط، غدت إسرائيل رسميا وكيل أمريكا العلني والحصري لكراسي الحكام في المنطقة العربية، عليهم أن يطلبوا رضاها قبل دفع "الخاوة"، الفاسدون و القتلة أفضل كون السعر أعلى، ولنا في صوت ورواية ترامب وتبجحه في مهرجاناته الحاشدة خير شاهد، والتي تفيد أن الملك الجالس على أحد الكراسي استغرب التسعيرة الجديدة التي عليه دفعها خلافا لما جرت عليه العادة سابقا، فقال له ترامب ببساطة: "إدفع..دوننا قد لا تبق أسبوعين.. لقد كانوا اغبياء" (ويقصد رؤساء أمريكا السابقون).
هذا الرئيس لم يهش الحكام بعصاه فقط، لقد استباح مقدسات العرب الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، بوضع ختم الولايات المتحدة الامريكية (القوة الأعظم) على صك استكمال تنفيذ وعد بلفور وتوثيق تسليم القدس للمتطرفين في الكيان الإسرائيلي العنصري، مخالفا في ذلك الحقوق الإنسانية والقرارات الدولية والقانون الدولي، ودعما لاغتصاب فلسطين وتشجيعا لإرهاب الدولة الإسرائيلية الذي تمارسه إسرائيل على الفلسطينيين والأمة العربية.
لقد استفز ترامب الجالية العربية في الولايات المتحدة الأمريكية التي شعرت بالقلق أكثر حول مستقبلها، 70% من الأميركيين العرب قالوا إنهم «قلقون بشأن مواجهة التمييز في المستقبل بسبب عرقيتهم أو بلدهم الأصلي» حسب استطلاعات المعهد العربي الأمريكي، وعلى الرغم من تنوع العرب الامريكيين الشديد الا انه قد ازدادت نسبة المنخرطين في العمل السياسي في السنوات القليلة الماضية، وعلى الأغلب في أوساط التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي، وأدى ذلك الى نجاحات مهمة أسفرت عن إنتخاب الامريكية الفلسطينية رشيدة طليب والصومالية الهان عمر ووصولهما الى الكونجرس الأمريكي، إضافة لزيادة عدد العرب في عدد من المواقع التشريعية في مجالس حكم الولايات والمجالس المحلية والبلديات في العديد من الولايات.
ان هذا الدور السياسي للجالية العربية في الولايات المتحدة الامريكية، أدى لزيادة حجم التأييد للقضايا العادلة العربية وخاصة في تيار السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز. هذا من جهة، ومن جهة أخرى انعكس ذلك، ولأول مرة في تاريخ السياسة الامريكية، الى تبني أجندة عربية أمريكية معقولة من قبل مرشح رئاسي لحزب رئيسي، فقد أصدرت حملة بايدن – هريس للانتخابات "خطة جو بايدن للشراكة" مع الجالية العربية، على اثر حوار غير مسبوق مع الشخصيات والمؤسسات الامريكية العربية وخاصة الفلسطينية منها، جاء فيها العديد من البنود الإيجابية للقضايا التي تهم المهاجرين العرب في أمريكا، وتعهدا بدعم قضايا الديمقراطية في الوطن العربي، ومعارضة الخطوات الإسرائيلية أحادية الجانب، بما في ذلك ضم المستوطنات وتوسيعها، واتخاذ خطوات فورية لإعادة المساعدات الاقتصادية والإنسانية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك تقديم المساعدة للأونروا، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية وإعادة بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
لقد وقفت الجالية العربية في غالبيتها مع الحصان الفائز في الانتخابات الرئاسية، وساهمت في نجاحه وخاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان. وبقدر مساهمات العرب الامريكيين في العمل السياسي ستتحقق نتائج ايجابية وسيتم تطوير خطط للشراكة تلبي مصالحهم.
لقد توقعنا فوز جو بايدن في هذا السباق وأصبح الرئيس المنتخب، والان أصبح بإمكان الشاعر يوسف عبد العزيز أن يمارس بعض نشاطاته الانسانية مع رحيل أحد مصادر الملوثات السمعية...